لا شك في أن العلم والتعليم هو النور الذي نصبوا اليه لننير اوطاننا ونبني الحضارات وهكذا كان على طول التاريخ فنرى أن الأمم المتعلمة و المثقفة نتجت أجيال حرة وواعية فضلا عن ما نعمت به من ازدهار وتقدم في شتى المجالات وعلى العكس تماما نرى أن الأمم الجاهلة وما نتج عن الفترات المظلمة التي مرت بها بعض الأمم والبلدان تنتج اجيال جاهلة بحقوقها قبل كل شيء ولذلك فغالبا ما يرافق الجهل هو السلطات الظالمة و الاستعمارات والاحتلالات لتلك الأمم والبلدان، ولذلك يجب ان نشير الى دور العلم والتعليم والتي تتمثل في المدارس والجامعات في زمننا هذا وتأثيرها على إنتاج أجيال مفكرة وواعية لا تقبل بالظلم وتعرف ما لها وما عليها، ولا نعني هنا ان هذا الوعي ُيدرس منهجيا لكن البيئة الدراسية وتبادل الأفكار والآراء في هذه الصروح التعليمية وتزامنا مع أحداث ذلك البلد ينتج طالبا يكونون ُصناعا للتغيير وقادة للمجتمع و يحظون بمكانة اجتماعية عالية بين أفراد المجتمع ولذلك فأننا كثيرا ما نسمع ان الطلبة هم مستقبل البلد وبناتها لكن هل يكون ذلك فقط بإكمال الدراسة الاكاديمية ومن ثم الانخراط بالوظائف الحكومية والتي غالبا ما تكون بطالة مقنعة هذا في حال ان وجدت .. فلطالما كان للطلبة دور حيوي وتأثير قاد لتغييرات مجتمعية وسياسية كثيرة وذلك من
خلل الحركات الطلابية ونشاطاتهم في مختلف المجالات ولعل النشاط الفكري والحيوي في هذه المرحلة العمرية والدراسية ينبع من الرغبة في احداث التغيير في الواقع المعاش آنذاك، وينعكس عن التقصير الحكومي اتجاه المجتمع والذي يحاول الطلبة ان يعوضه.
وعلى الصعيد السياسي لعلنا نجد عالقة طردية بين فشل الحكومات و النشاط السياسي في الطبقة الطالبية ومن المؤكد أن ما نقصده بالنشاط السياسي لا يقتصر على تكوين الأحزاب السياسية والذي نادرا ما يحدث بل يشتمل هذا المصطلح على الكثير من الجوانب والتي قد تكون متسلسلة فعلى سبيل المثال أن تدهور الأوضاع السياسية في بلد ما يؤدي الى تقصير في الجوانب التي تمس حياة المواطنين ويؤثر سلبا في المجتمع والذي يجعل من هذا التدهور موضوعا متداولا في أروقة الجامعات وحتى المدارس وبذلك ينتج عن هذا التداول وحلقات النقاش
وعيا سياسيا واطالعا ومتابعة بل ومراقبة للحكومة تؤدي غالبا الى نشوء معارضة طالبية عفوية أو على هيئة تجمعات وتكتلات واعية ومدركة للوضع السياسي تحرج السلطات بانتقاداته او وقفاتها ومسيراتها الاحتجاجية والتي تعتبر من أسلم وارقى الطرق الاحتجاجية وأقواها تأثيرا في الرأي العام لما يحظى به الطالب من مكانة مميزة في المجتمع وبما أننا ذكرنا الطرق الاحتجاجية فلابد أن نتطرق للثورات والمساهمة الطلابية فيها والتي طالما كان فيها الطلبة رأس الرمح بشجاعتهم وفكرهم الثوري الرافض للظلم والاضطهاد سعيا للحرية والديمقراطية، ولا يذكر هذا الموضوع دون أن نمر على الثورة الفرنسية 1968 حيث أشعل الطالب شرارة الثورة وإنارة طريق الحلم للتخلص من الاستبداد والاستعباد تحت ظلم الرأسمالية في ذلك الوقت حيث نظمت الاضرابات الطلابية بأعداد هائلة وصلت الى 50 ألف طالبا مضربا في تاريخ العاشر من مايو من ذلك العام والتي جوبهت بوحشية من قبل الشرطة والذي أدى فيما بعد الى تضامن الاساتذة والعمال وبقية طبقات المجتمع مع الطالب في الإضراب والاحتجاجات.أما في الدول العربية وتحديدا مصر فقد لعب الطالب دورا فعال في الاتجاه الوطني السياسي
حيث قال المؤرخ الفرنسي والتر الكير " لم يلعب الطالب دورا في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطالب في مصر" فقد كان لهم الدور الأساسي في عدة انتفض انتفاضة 1972 بعد خطاب الرئيس أنور السادات التراجعي حيال مواجهة الكيان الصهيوني واستعادة الأراضي المصرية المحتلة وكذلك جوبهت الحركة الطلابية بالقمع و الاعتداء والاعتقال إلى أن اتسعت دائرة الاحتجاجات والاضرابات ونزول الطالب الى ميدان التحرير بأعداد وصلت الى ال 20 الف طالب
أجبرت الحكومة على إطلاق سراح المعتقلين و الاستجابة لبعض المطالب وعلى أنغام أغنية الشيخ إمام "رجعوا التلامذة" للشاعر أحمد فؤاد. لا زالت أقلام الطلبة في العراق تكتب و تخط تاريخها الاحتجاجي العريق من احتجاجات 1928 احتجاجا على زيارة احد دعاة الصهيونية الى بغداد مرورا بـ انتفاضة 1948 الرافضة لمعاهدة بورتسموث وانتفاضتي عام 1952 و 1956 ... ولنبتعد عن زمن الماضي ونذهب الى القرن الواحد والعشرين وقبل ما يقارب ال 16 شهرا من تاريخ كتابة هذا المقال اندلعت ثورة 25 أكتوبر في العراق والتي كان قوامها و أساسها الطلبة بمسيرتهم البيضاء وبموج هتافاتهم الرنانة ومهرجاناتهم العلمية والثقافية في ساحات الاعتصام حيث تطور اضرابهم عن الدوام الى مسيرات احتجاجية وحتى اعتصموا بخيامهم لشهور في ساحة التحرير و الأحرار و غيرها في عموم العراق، و كما عانى الطالب في بقية الثورات عانى الطلبة المحتجون من همجية القوات القمعية وارتقى عشرات الطلبة شهداء وأصيب الكثيرين منهم وبعد تضامن بعض طبقات المجتمع الأخرى استقالت الحكومة القمعية وعلى الرغم من أن الاحتجاجات لا زالت مستمرة فقد أطلق بعض المدونين على هذه الثورة باسم "ثورة القمصان البيض" لما للطلبة من دور أساسي فيها. ونذكر أيضا مشاركة الطلبة في إيران في ثورة 1979 ضد نظام الشاه وكذلك الحركات الطلابية المثمرة في لبنان والسودان وتونس وغيرها من البلدان العربية وغير العربية.
هذا في التأثير المباشر للطلبة في السياسة والحكم وأساليبهم الاحتجاجية المؤثرة كما ذُكر أعلاه.
الكاتب: محمد زيدان
نرجس عصام
@hamwdi_zeidan
تحرير: مريم احمد
@4mar_.a
إعداد: كوثر احمد
@4kawther_a
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق