"تَيْه"

كُنت قلقًا، إلامَ أذهب الآن؟

أتاني فورًا الجواب.. 

متاهتي التي لا أتيهُ فيها أبدًا.. 

بلادي التي لَم أراها مُطلقًا.. 

شغفي الذي باتَ فيها هيَ فقط! 

أيُّ سحرٍ هذا! 

لِمَ أنا مُغرمٌ بالأوراق إلى هذا الحد! 

هيَ لا تتكلم، لا تُفصح لي عن مشاعرها، كما لا تتحدث عن يومها لي! 

أنا فقط الذي أتكلم! 

هيَ بئري الذي لا يعلم مخبأهُ شخصٌ غيري..

ملأتُها بالحروف، أملأ وأملأ.. لكنّهُ لا يفيضُ أبدًا!

فليكُن، فأنا لا أُريد لهُ أن يفيض بهذهِ السرعة.. 

أحتاجهُ.. كحاجة الرضيع للحليب..

اه، كم عشقتهُ.. كم أدمنتهُ.. لا أشعُر بشعور أعظم من شعوري عند مُجالسته! 

لِمَ لا يكون شخص؟ أودُّ مُقابلته.. 

أرجوكم دعوه يكون شخصًا.. 

حتى وإن كان عديم المشاعر.. خالي الفؤاد.. سليب الكلام.. غريب الأطوار.. مُعاق الروح.. دفين الأحساس.. 

حتى و إن كان تمثالًا.. أُريدهُ بجانبي.. 

لا أحد سواه يسمعني.. 

لا أُريد الذهاب.. أرجوكم دعوني أبقى عندهُ قليلًا..

لا زال عندي من الدموع لم تجد طريقها للكتابة بعد! 

أُريد كتابة دموعي عنده! 

أرجوكم اسمحولي بالبقاء هُنا الليلة.. فأنا أشعر بأرتياح كبير عند وجودي بجانبه.. حيثُ أشعر بدفئ حروفه التي تُلامس جوفَ قلبي بتفاصيلها..

أُريد المكوث هُنا..

فهُنا أشعر بأنّي في موطني الأصلي.. 

موطني الذي غفلَ عنّي كورقة سقطت من أشجار الخريف..

أُريد تذكرة مجانية تُبقيني هُنا..

إلى أن.. إلى أن تجفّ الحروف التي تتقطّر من عينيَّ..

إلى أن أجد نفسي بين صفحاتِ كتابٍ ما، أو لربُّما بين صفحاتِ حياةٍ ما.. 

إلى أن أتنفس بقلبي.. وأشعرُ أنّهُ عرَفَ كيف يكون شعور استنشاق الحروف.. 

إلى أن أشعر بأنّي لا أستطيع البُكاء ثانيةً..

كُلّما بكيت.. كُلّما كتبتُ أكثر.. 

هذهِ قاعدتي التي أسيرُ عليها في ميادين الألم.. أعني ميادين الحياة..

لِمَ تُطالبونني بالخروج من هذا المكان! 

لَم أُزعجكم! أرجوكم دعوني وشأني.. فأنا غريب في عالم الأشكال.. عالم المظاهر.. عالم الأقنعة..

أما هُنا، فأنا أنسان.. أشعُر بذلك بكُلّ حروفي.. 

كُلّ هذا لأنّي شعرتُ بالأمان لبعض الوقت؟

لِمَ تغيّرت ملامحكم! ليست سوى حروف! 

اه نسيت! حربُ الحروف أقوى من حرب الدماء.

الكاتب: كرار لامع 

يوزر الأنستا: @karar_lamea

أعداد:سارة ماجد صبار

يوزر الأنستا: @saramajid.6