الاثنين، 14 ديسمبر 2020

 




أهلا أستاذ محمد في حوار مع مجلة أكتب

 

صف  الإنسان محمد؟

لم أستطع أن أخلق التميز طوال حياتي، وأنا أسعى لذلك دون جدوى، نشأت في بلدة صغيرة ثم انتقلت إلى مدن كثيرة حتى فقدت هويتي، لم أعد قادراً على وصف ذاتي،

لا يسعني أن اقول اني أشبه الاخرين من الناس ملامحي الجسدية تعود الى أصولي الجغرافية التي تتمركز في اقصى الشمال، استاذ الفلسفة في إحدى ثانويات المغرب،

لا اتمايز عنهم، نبدو مختلفين ظاهرياً لكن جوهرنا واحد، ننتقد ونشكك لكن قدرتنا على التغيير لا زالت محدودة، تلقيت تعليماً صارماً في مراحله الأولى قبل أن ينحرف عن مساره الطبيعي،

 

الحافز  الذي جعل من الطبال محمد كاتب؟

دائما ما كنت أردد اني مجرد دخيل لقصر الكتاب،  لكوني لم أستطع لحد الآن أن أصبح مكشوفاً أو متوقعاً في أسلوب الكتابة مادام القارئ لا يتوقع من البداية فمعناه لا زلت متطفلا، ربما الحافز الاكبر وقد قلت ذلك سابقا هو علاقتي بالاجداد كانت قوية جدا كنت لا افارقهم وانا في سن صغيرة ،لا انام في المساء دون ان يقصوا علي حكاية من حكايتهم التي يؤلفونها في حينها، رغبتهم في تنويمي كانت حافزا لهم لإبداع الحكايات، كانت تحدثني جدتي كثيرا عن بطلها أو زوجها كيف كان يواجه الجن وهو يسرق محصوله وعن الثعابين الضخمة التي كان يقتلها في اليل والنهار، الرصيد الذي كونتها هناك دفعني على تجميعها لكن ككل من يكتب أؤكد اني استمر في الكتابة لان التأثير البائس للطفولة او للحياة لم ينتهي بعد، عشت طفولة مليئة بالاحداث المزرية، طفولة بائسة مليئة باالاقتراب الى الموت النفسي والجسدي وكل الأمراض الاجتماعية.

حافزي للكتابة هو التخلص من المعاناة، اشاركها مع القارئ حتى اتخلص من بقاياها.

قمري:

مقولة تذكر دائما أن الكتابة جرح، هل كان هذا السبب في إنتشار موهبة الكتابة في الوطن العربي من وجهة نظرك؟ ام هي موهبة؟

اؤمن أن الموهبة استثناء، والاستثناء لا يقاس عليه، الموهوب يكون عاطفيا اكثر من اللازم، كتابته تكون جميل ورنانة لكن ينقصها الانتماء الداخلي، احداثها تشعر القارئ بالانفصال عنه، القارئ ينبغي ان يشعر بانك تتكلم بلسانه لهذا ينبغي ان تكون مجروحا في بداية كتابته بعدها تبدأ  بصناعة الجرح، حين نقوم بنبش حياة الكتاب المرموقين في الوسط العربي والغير العربي نجد حياة غير معتادة مليئة بالالام كمحمد شكري مثلا، فحين تجلس وتقضي ايام وانت تحاول صنع شخصيات جديدة فمن الضروري ان تكون بحالة ذهنية غاضبة ومجروحة لأنه صعب جدا ان ننكر خلفيتنا في الكتابة، العاطفة شرط الكتابة والجرح هو البلسم الذي يخلق التميز.

 

ماذا تعني الفلسفة في حياة الكاتب؟ وهل قارئ الفلسفة يختلف عن بقية الكتاب او القراء؟

 كانت نقطة التحول الكبير الذي حصلت عليه خصوصا حين اصبحنا عاشقين لبعضنا البعض، اعترف اني علاقتي بها في البداية كانت عدائية خصوصا الفلسفة المدرسية كنت احصل دائما على النقطة الادنى بين زملائي، لم اكن قادرا على التجريد، حتى حين ولجت الجامعة قمت بالتسجيل في شعبة الفلسفة ليس كاختيار ذاتي وانما فقط كي احتفظ بشهادة الباكالوريا داخل المؤسسات الرسمية، في ذلك الوقت كان حلمي مغايرا طوال اليوم وانا اتامل الجنود داخل الثكنة العسكرية المقابلة للحي الجامعي كنت حالما بأن اكون جنديا اقضي خمس سنوات واعود الى الديار واطلب من امي ان تختار لي زوجة غير سمينة لاتزوجها، احلامي في ذلك الوقت كانت مبعثرة، لكن الإقبال التدريجي على الكتب الفلسفية جعلني أنجذب الى حياة اخرى غيرت احلامي وطريقة العيش، وحين اصبحت مدرسا لمادة لطالما كنت كارهاً وناقماً عليها ادركت بان قارئ الفلسفة يختلف عن باقي القراء لانه غالبا مايكون من عشاق الهامش، الهامش لا ينتبه اليه سوى الناقد بخلفية  ايديولوجية مبنية على التحليل الواقعي، كاتب الفلسفة أو قارئها

يكون اكثر جرأة لهذا فهو مختلف .

 

رغبة في ترك بصمة خلفك في حياة كل كاتب يسعى اليها هل كانت الرواية الأخيرة هي تلك البصمة؟

اعترف حاليا اني اكتب لأني اكره أو أحب وكلاهما جزء من طبيعتي الإنسانية، اردت فقط ان اثبت للوسط الذي اعيش فيه اني انسان، لاجعل هذا الوسط يتقبلني ويتقبل كل الافكار السيئة والمبتذلة والرخيصة التي أطرحها، ويتقبل كل الشهوات الحقيرة والاذواق الشاذة التي يفعلونها لكنهم لا يحبون الاعتراف بها أو الحديث عنها، اما بالنسبة لرواية موطن الضباب فأنا عن نفسي لم أكن اتوقع أن ينجذب القارئ لها، لم تكن لي أي نية أو ثقة بأن تكون ناجحة في الوسط، كان أول شيء حدث لي هو الاعتقاد بإني اجيد نوعاً ما من الكتابة أو بمعنى آخر اجيد وصف ما يحيط بي، لهذا بصمة الرواية كانت تحفيزي على الكتابة واعتقد ان كل طالب اراد ان يعرف ما ينتظره داخل الجامعة سيجد  سبيله في. الرواية وبها اجزم اني سأحيا وأموت طالبا داخل الاحياء الجامعية.

 

 

الطبال قارئ قبل أن يكون كاتب هل يختلف أسلوب الكتابة بين الأقطار العربية من ناحية العمق؟

العمق يقاس لدي بالجرأة والنقد، حين تنتقد نادراً ما تلتجئ  الى النقد المباشر، و حين نتأمل تميز الكتاب العرب نلمس سعيهم نحو التغيير  ونقدهم للطابوهات او المألوف فاغلب الكتاب العرب يشتركون نفس المصير لهذا نجد قضاياهم الجوهرية المكتوب عنها واحدة لكنهم يختلفون في جزئيات بسيطة كما يختلفون في اسلوب الكتابة والقدرة على التأثير، أسلوب الكتابة نابع من البيئة التي ترعرع فيها الفرد ومن قوة اللغة وضعفها، الكتاب العرب يحلقون احراراً في الهواء لكنهم يعودون في النهاية إلى النقر على نفس الخشب حتى يتمكنوا من الإطاحة به أو يصيبهم اليأس لكن الجميل انهم لا يتوقفون عن الكتابة وعن حلم التغيير .

 

السرد ومرور الزمن هل تلاحظ اقبال القارئ العربي الى الاقتباسات وللخواطر  القصيرة؟ وما سبب ذلك؟

لاشك أن السرد هو فن يبين  مقدرة الكاتب وموهبته وكل ما كان السرد بالرجوع بالزمن الى اقصى مداه يكون غنياً وذو جمالية لأنه يمكننا من كشف عوالم واسرار دون معاناة، الكاتب هنا يكون اكثر ابداعاً، فالزمن هو العمود الفقري النصوص السردية يكسبها طابعا غنيا وجماليا وكما يقول "شاكر النابلسي "في كتابه "جماليات المكان" "الأمكنة في الواقع كالحجارة في المقلع، لا تشكل بناءً جمالياً الا عندما يقطعها المبدع ، وينقشها بالحلم والرؤيا ويكحلها بالأزمنة" . اما لجوء القارئ الى الاقتباسات والخواطر القصيرة راجع للعصر  الذي اضحى تقنيا عصر الصورة، عصر غياب الوعي القومي والوطني لم يعد القارئ يهتم بالتأصيل وشمولية الحدث وكيفية وقوعه بقدر ما يثيروه جمالية الكلمة مهما كان تاريخها .

 

هل يوجد نوع أدبي محبب لك؟

 

لا يوجد نوع معين كل الاصناف لها تأثير قوي علي،

وعلى الذكريات كلها، ما اقراه من روايات يمكنني من جمع معلومات يمكنني من تذكر الكثير من الالام واللحضات السعيدة  لكن كل اعرف ان الاغلبية عاشقة للأدب الروسي و للأدب الثوري أنا بدوري  تأثرت في البداية بالكاتب الراقي حنا مينا"

 

تجربتي في القراءة كان الموجه فيها هو الايديولوجية التي تاثرنا بها  داخل الجامعة وكنت اعتقد اني ساتجاوز التأثر الكبير بهذا النوع من الأدب لكني كنت مخطئا للغاية، لازلت عاشقاً للكاتب الروسي ماكسيم غوركي خصوصا  روايته الشهيرة "الام" وحتى الاطلاع على حياة الكاتب اكثر اثارة يجعلك تلمس الكيفية التي ساهمت هذه الحياة في صقل موهبته، هذا النوع من الروايات الواقعية المبنية على النشاط الاقتصادي يثيرني اكثر اعتقادا مني انها ستكون بمثابة مرجع للاجيال اللاحقة،  والساحة العربية بدورها توفر هذه النماذج الكثيرة التي تقاتل و تساهم في عملية البناء المجتمعي. ومن الروايات العربية الحديثة أو المعاصرة التي استلهمت منها مجموعة من الاحداث كانت رواية الطالياني" للكاتب التونسي" شكري المبغوث"

 

النصيحة التي يمكن أن نقدمها للشباب ككل هو أن  نحاول ان لا نعيش بنفس الطريقة! وان نستلهم من التجارب و لما لا نتعافى بالكتابة والقراءة.

 

المحرر :صابرين صاحب sabreen.bio

قسم الحوارات الأدبية

مع الكاتب محمد الطبال@tobal_mohamd

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الاعضاء

اخلاص سعيد

المشاركات الاكثر شيوعاً